الصكوك الإسلامية



 الصكوك الإسلامية

فمبدأ الصكوك الإسلاميّة يقوم على المشاركة في تمويل مشروع أو استثمار ما طويل أو قصير الأمد، حسب القاعدة الشرعية التي تنص على «الغنم بالغرم» أي المشاركة في الربح والخسارة، وهي مساوية لما يعرف عالميا في التجارة والمال والشركات بنظام الأسهم. يمكننا اعتبار الصكوك نفسها الأسهم بنظام إسلاميّ، حيث يتم إنشاء شركة ما، ويشارك المشاركون في إنشاء هذه الشركة من خلال طرح حصص معينة يشارك بها كل فرد حسب رغبته، ثم يتم طرح هذه الصكوك للاكتتاب العام ويشتريها الأفراد بحسب سعرها.
ولحامل الصك الحق في المشاركة في الإدارة وفي رأس المال وفي التداول، وله حق الهبة والإرث، وكل ما يتعلق بالمعاملات المالية من أحكام. وقد تقوم المصارف الإسلامية، أو بيوت التمويل الإسلامي بإصدار هذه الصكوك بعد إنشاء المشروع، ويتم العمل بها حسب قوانين البلاد الذي يتم فيه المشروع، وتكون هناك هيئة شرعية للرقابة، للتأكد من أنّ كل ما يتعلق بهذه الصكوك يتم حسب أحكام الشريعة الإسلاميّة ومبادئها، ووفقا لقوانين الدولة وقراراتها. ووفقا لهذا سوف يتم تناول الموضوع بشكل علمي في حدود عدة تساؤلات.

ما هي الصكوك الإسلامية الاستثمارية؟

تعريف التصكيك في قرار مجمع الفقه الاسلامي الدولي أنه؛
إصدار وثائق أو شهادات مالية متساوية القيمة تمثل حصصا شائعة في ملكية موجودات (أعيان، أو منافع، أو حقوق، أو خليط من الأعيان والمنافع والديون) قائمة فعلا أو سيتم إنشاؤها من حصيلة الاكتتاب، وتصدر وفق عقد شرعي وتأخذ أحكامه.
أما الصكوك الاستثمارية الإسلامية فقد عرفتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بأنها؛
وثائق متساوية القيمة تمثل حصصًا شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط  استثماري خاص، وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله.
وتتم عملية التصكيك من خلال قيام مؤسسة ما بتجميع أصولها غير السائلة وتحويل ملكيتها إلى جهة أخرى، صندوق أو مؤسسة، تقوم بإصدار صكوك تساندها تلك الأصول، وبذلك تتيحها للتداول في أسواق الأوراق المالية، بعد أن يتم تصنيفها ائتمانيا، وكذلك بعد خضوعها لعدد من الإجراءات الفنية.
وبالتالي، فإنه يمكننا القول أن المبدأ الذي تقوم عليه الصكوك الإسلامية والقاعدة التي ترتكز عليها، وهو مبدأ التوريق أو التصكيك «Securitization»، والذي يقصد به عملية تحويل الأصول المالية غير السائلة إلى أوراق مالية قابلة للتداول في أسواق الأوراق المالية، وهي أوراق تستند إلى ضمانات عينية أو مالية.

أنواع الصكوك الإسلامية الاستثمارية

هناك أنواع عديدة ومختلفة من أنواع الصكوك الإسلاميّة، والتي تختلف باختلاف الهدف منها، ومن أنواع هذه الصكوك:

الصكوك الاستثمارية:

وهي عبارة عن أوراق ماليّة تشير إلى حق تملك المشروع الذي يتم تمويله من أمواله هذه الصكوك، ولحاملها نسبة من أرباح المشروع بحسب ما اتفق عليه، وفيها ربح وخسارة.

صك المضاربة:

والذي يستخدمه المضارب لاستخدام أموال هذا الصك في تمويل مشروع ما يكون هو مديره والمسؤول منه باعتباره مضاربا، مقابل أن يحصل على حصة معينة من أرباح المشروع. بمعنى أنّه يحصل على قيمة ونسبة أكبر من حملة الصكوك الأخرى لأنّه يعمل بالإضافة إلى ممول مشروع هو مدير المشروع أيضا، ولا تحسب له الخسارة.

صك الاستصناع:

وهي صكوك تصدرها الحكومة أو بعض الشركات التي ترغب في تمويل مشاريع كبيرة في البلاد، كمشاريع البنى التحتيّة.

صك المرابحة:

وهي تحمل نفس قيمة الغرض الذي تمّ شرائه في مشروع ما، ويكون الربح لحامل الصك بشراء المعدات وبيعها بالمرابحة.

صك المشاركة:

وهي الأقرب لمبدأ الأسهم، ويصدرها متعهدو المشروع ووكلاؤه.

صك التجارة:

وهي نفسها ما تسمى بـ «صكوك التمويل» والتي تطلبها الحكومة من مؤسسات التمويل كالبنوك بإصدار هذه الصكوك لاستخدامها في شراء مواد ما بنسبة مرابحة محددة.
هناك أنواع كثيرة أخرى من أنواع الصكوك، منها صك السلم، وصك المنافع، وصك المزارعة، وصك المغارسة، وصك المساقاة، وصك الخدمات، وغيرها الكثير من أنواع الصكوك.

خصائص الصكوك الإسلامية الاستثمارية

تتفق صكوك الاستثمار الإسلامية مع غيرها من الأوراق المالية التقليدية في بعض الإجراءات الإدارية من حيث التنظيم والإصدار، إلا أنها تتميز عن غيرها في كونها أوراقا مالية تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية في كافة مراحلها منذ بداية إصدارها إلى انتهاء أجلها. وفي إطار ذلك يمكن ذكر أهم خصائص الصكوك الإسلامية، التالي:
1. الصكوك عبارة عن وثائق متساوية القيمة تصدر باسم مالكها لإثبات حق مالكها في الموجودات الصادرة بموجبها.
2. تكون الصكوك قابلة للتداول في سوق الأوراق المالية «البورصة» في إطار الشروط والضوابط الشرعية لتداول الأصول والمنافع والخدمات التي تمثلها.
3. تمثل الصكوك حصة شائعة في ملكية موجودات مخصصة للاستثمار، أعيانا أو منافعا أو خدمات أو خليط منها ومن الحقوق المعنوية والديون والنقد، ولا تمثل دينا أو التزاما في ذمة مصدريها.
4. تعطي الصكوك الإسلامية الحق لحاملها في الحصول على الأرباح إن وجدت التي يحققها المشروع، ويستلزم ذلك ضرورة فصل الذمة المالية للمشروع عن الذمة المالية للجهة المصدرة له.
5. تصدر الصكوك على أساس عقد شرعي، وبضوابط شرعية تنظم إصدارها وتداولها.
6. الصك الإسلامي يلزم صاحبه بتحمل مخاطر الاستثمار بنسبة ما يملكه من صكوك، حيث تقوم الصكوك على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة.
7. الصكوك الإسلامية تخصص حصيلة الاكتتاب فيها للاستثمار في مشاريع أو أنشطة تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.

الأهمية الاقتصادية للصكوك الإسلامية

توفر الصكوك الإسلامية (أو عملية التصكيك) العديد من المزايا لمختلف المتعاملين في مجالها من مصدرين أصليين ومستثمرين إضافة إلى ما تحققه من مزايا لأسواق الأوراق المالية وللاقتصاد الوطني ككل، وهذا ما نستعرضه فيما يلي:

1. أهميتها بالنسبة للمصدر الأول:

1. تساعد عمليات التصكيك على المواءمة بين مصادر التمويل واستخداماتها، بما يساهم في تقليل مخاطر عدم  التناسب بين آجال الموارد وآجال استخداماتها.
فالبنوك الإسلامية مثلا تعاني من مشكلة عدم توافر مدخلاتها من الموارد المالية بالقدر الكافي والملائم لطبيعة هذه المصارف، مما يشكل عائقا رئيسيا أمام قيامها بدورها التنموي، إذ أن الأصل في استثمارات المصارف الإسلامية أنها استثمارات تنموية طويلة الأجل، مما يفترض أن تكون الموارد المالية الطويلة الأجل هي النسبة الغالبة من إجمالي موارد تلك المصارف، غير أن الواقع العملي يبين عكس ذلك، حيث النسبة الغالبة من موارد البنوك الإسلامية قصيرة الأجل، وكنتيجة لذلك وجهت البنوك الإسلامية معظم مواردها المالية نحو استثمارات قصيرة الأجل تطبيقا لقاعدة توافق الآجال.
2. يزيد التصكيك من قدرة المنشآت المصدرة على توليد الأموال لتأمين السيولة اللازمة لتمويل احتياجاتها المختلفة، كما يساعد التصكيك على تنويع مصادر التمويل متعدد الآجال والمكملة للمصادر التقليدية، خاصة بالنسبة لتلك المنشآت التي لا تستطيع الوصول مباشرة إلى سوق الأوراق المالية.
فبالنسبة للبنوك الإسلامية قد تعاني من مشكلة نقص السيولة بسبب اختلاف طبيعة عملها عن نظيرتها التقليدية، فتنشأ أزمة السيولة من كون المصرف الاسلامي لا يستطيع في إطار المشاركة في الربح والخسارة أن يسترد تمويله ما لم يصل المشروع إلى مرحلة الإثمار الناجح، ذلك لأن الاستثمار يكون في شكل أصول عينية يصعب تحويلها إلى سيولة جاهزة، لكن قيام البنك بتصكيك تلك الاستثمارات يمكنه من بيع هذه الصكوك في السوق والحصول على السيولة اللازمة، وذلك في حالة كون البنك هو المصدر.
3. يعتبر التصكيك بديلا جيدا لمصادر التمويل الأخرى كالاقتراض من مؤسسات أخرى أو زيادة رأس المال بإصدار أسهم جديدة، وما ينطوي عليه كلاهما من قيود ومشكلات.
فالتصكيك يخفض من تكلفة ومخاطر التمويل لأنه يتيح القدرة على تعبئة مصادر التمويل بالحصول على مستثمرين جدد، وبالتالي توفير تمويل طويل ومتوسط الأجل، فهو يتسم بانخفاض درجة المخاطر نظرا لكون الصكوك مضمونة بضمانات عينية وهي الأصول التي تم تصكيكها، إضافة إلى أن عملية التصكيك تتطلب فصل محفظة التصكيك وما يلحقها من ضمانات عن غيرها من الأصول المملوكة للشركة المصدرة.
4. تساعد عملية التصكيك الشركة المصدرة المنشئة للمحفظة على إعادة تدوير الأموال المستثمرة في محفظة التوريق في ذات النشاط أو في أنشطة أخرى، دون الحاجة للانتظار حتى يتم تحصيل الحقوق المالية على آجالها المختلفة، حيث يؤدي التصكيك إلى تحويل أصول غير سائلة إلى سيولة يعاد تدويرها في استثمارات جديدة.
5. تحسين القدرة الائتمانية والهيكل التمويلي: حيث يساعد التصكيك على تحسين ورفع القدرة والهيكل التمويلي للشركة الجهة المصدرة، وذلك من خلال؛ أولا عدم اعتماد التمويل على التصنيف الائتماني للشركة، لأن التصكيك يعتمد على التصنيف الائتماني للمحفظة بصورة مستقلة عن الشركة، وبذلك يكون تصنيفها الائتماني مرتفعا. وثانيا تحسين القدرة الائتمانية للشركة المصدرة في الحصول على تمويلات جديدة.
6. تحسين ربحية المصارف ومراكزها المالية، بما يتيحه التصكيك من استبعاد الإستثما رات التي تم توريقها تصكيكها من بنود الميزانية خلال فترة قصيرة، وبذلك تتخلص المصارف من الحاجة إلى تكوين مخصصات لمواجهة الخسائر المحتملة، وعليه فالتصكيك يعتبر أحد أشكال الاستثمار خارج بنود الميزانية، والذي لا يحتاج إلى رأسمال مثل الالتزامات العرضية.
كما أن التصكيك يتيح للمصارف وسائر المؤسسات المالية وغير المالية الأخرى إمكانية منح التمويل والتسهيلات ثم تحريكها واستبعادها خارج ميزانيتها العمومية خلال فترة قصيرة دون الحاجة إلى تكوين مخصصات لمواجهة مخاطر التمويل التي قدمها.
7. يعتبر التصكيك طريقة جيدة لإدارة المخاطر الائتمانية بالبنوك وغيرها من المؤسسات، ذلك لأن الأصل محل التصكيك مخاطره محدودة، بينما مخاطر نفس الأصل أكبر إذا كان موجودا ضمن مكونات أصول المنشأة كلها.

2. أهميتها بالنسبة للمستثمرين:

تتمثل أهمية الصكوك من وجهة نظر المستثمرين في النقاط التالية:
1. يتيح التصكيك أداة قليلة التكلفة مقارنة بالاقتراض المصرفي، وذلك بسبب قلة الوسطاء والمخاطر المرتبطة بالصك المصدر.
2. يتميز الصك بأنه غير مرتبط بالتصنيف الائتماني لمصدره، حيث تتمتع الصكوك بصفة عامة بتصنيف ائتماني عالي نتيجة دعمها بتدفقات نقدية مالية محددة عبر هياكل داخلية معرفة بدقة، إضافة للمساندة الخارجية بفعل خدمات التحسين الائتماني، وهذا قد لا يتوفر للسندات التي تصدرها منشآت الأعمال الأخرى، بالإضافة إلى أن البيع الفعلي للأصل من المنشأة المصدرة إلى الشركة ذات الغرض الخاص (SPV) في هيكل عملية التصكيك يتضمن أن المنشأة المصدرة ليس لها الحق قانونا في الرجوع لاستخدام التدفقات النقدية المتوقعة للأصل محل التصكيك، فالصكوك تتميز بدرجة أمان عالية، وبانخفاض مخاطرها.
3. تدر الصكوك الإسلامية على أصحابها حملتها عوائد أكبر مقارنة بغيرها من الاستثمارات المالية الأخرى.
4. تعتبر الصكوك بمثابة فرصا استثمارية متنوعة قطاعيا، جغرافيا، ومن حيث الآجال للأفراد والمؤسسات والحكومات حيث تمكنهم من إدارة سيولتهم بصورة مربحة.
5. فبالنسبة للمصارف الإسلامية مثلا تلعب الصكوك الإسلامية دورا هاما في حل مشكلة السيولة في تلك المصارف، فإذا كانت تعاني نقص السيولة قامت بإصدار الصكوك –وهذا ما رأيناه فيما سبق-، أما الشق الثاني من مشكلة السيولة والمتمثل في فائض السيولة فإن الصكوك الإسلامية تمثل بديلا مناسبا توظف فيه المصارف الإسلامية فوائضها المالية، وفي نفس الوقت تبقي إمكانية تسييلها قائمة وبأقل تكلفة، حيث أن المصارف الإسلامية لا تستطيع توظيف فائض السيولة لديها بتقديم القروض البينية لمدة قصيرة مثلما هو الحال بالنسبة للمصارف التقليدية، لأنه كما هو معلوم فإن القروض بفوائد لا تجوز أخذا ولا عطاءا، كما لا تستطيع أيضا توظيف الفوائض في السوق النقدية لأن أدوات هذه السوق قائمة على الفائدة المحرمة شرعا.
6. تقدم الصكوك قناة جيدة للمستثمرين الراغبين في استثمار فوائض أموالهم ويرغبون في الوقت ذاته أن يستردوا أموالهم بسهولة عند الحاجة إليها، لأن هذه الصكوك من المفترض أن تكون متداولة في السوق الثانوية، فعندما يحتاج المستثمر إلى أمواله المستثمرة أو جزء منها يتمكن من بيع ما يملكه من صكوك أو جزء منها، ويحصل على ثمنها الذي يمثل الأصل والربح جميعا، إن كان المشروع حقق ربحا طبعا.
7. للصكوك الإسلامية دور في إدارة مخاطر المؤسسات المالية الإسلامية، فإذا كانت المصارف والمؤسسات المالية التقليدية قد ابتكرت أدوات ووسائل للحد من المشاكل التي تواجهها، ومن تلك الأدوات المشتقات المالية، غير أن اختلاف طبيعة عمل المصارف الإسلامية ومخاطرها عن المصارف التقليدية يتطلب منها إيجاد أدوات للتحوط ضد تلك المخاطر تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتلائم طبيعة عمل تلك المصارف، خاصة إذا علمنا أن المشتقات المالية التقليدية لا يمكن للمصارف الإسلامية التعامل بها لانطوائها مخالفات شرعية واضحة.
وعليه تكون الصكوك الإسلامية من أهم الأدوات الملائمة للتحوط ضد مخاطر المصارف الإسلامية، وذلك لما تتيحه من إمكانية تنويع الاستثمارات، مما يعني تنويع المخاطر، بالإضافة إلى ذلك تسمح تلك الصكوك بتشكيل حافظة استثمارية تناسب رغبات المستثمرين، مما ينتج عنه تفادي التركز الشديد في التمويل قصير الأجل الذي يميز استثمارات البنوك الإسلامية عمليا، والذي يعتبر ظاهرة غير صحية من وجهة النظر القائلة بتوزيع المخاطر.

3. أهميتها بالنسبة لسوق الأوراق المالية:

تلعب الصكوك الإسلامية دورا كبيرا في تدعيم وتطوير سوق الأوراق المالية بشكل عام وسوق الأوراق المالية الإسلامية بشكل خاص، وذلك من خلال مساهمتها في توسيع قاعدة الأوراق المالية في سوق المنتجات الإسلامية من جهة واجتذاب المزيد من المتعاملين ورؤوس الأموال إلى تلك السوق، وذلك لما يتوفر في هذه الصكوك من ميزات أعطتها هذه الأهمية الكبيرة.
فقد ساهمت الصكوك الإسلامية في حل بعض المشاكل التي كانت تعترض نمو وتطور أسواق الأوراق المالية في بعض الدول العربية الإسلامية، ومنها مشكلة وجود الفرص الاستثمارية الجاهزة، عجز الأدوات المالية التقليدية عن أن تكون أداة فعالة لتعبئة المدخرات وتمويل التنمية الاقتصادية، والاعتماد على المؤسسات الدولية للحصول على التمويل اللازم، وعلى حركة رؤوس الأموال الخارجية، وإحجام بعض شرائح المجتمع عن التعامل بالأدوات المالية التقليدية، والتخوف من الانفتاح على الأسواق الخارجية.

متى تصير الصكوك الإسلامية بلا جدوى؟

على الرغم من الفوائد الكثيرة للصكوك الإسلاميّة، إلّا أنّه لها بعض الجوانب السلبية والعيوب، منها أنّ هذه الصكوك تعتبر عقود ملكيّة وعقود تأجير في الغالب، ويقل منها عقود الأرباح، كما أنّ عدم وجود خطة واضحة واستراتيجية جيدة لاستعادة أصول هذه الملكية من الصك فإنّ الفرد لن يستطيع امتلاك الأصول أو المشروع الذي يرغب به. وكذلك فإنّه لا يوجد قيود لبيع الصكوك من فرد لآخر، وهذا قد يسبب بعض المشاكل في المشاريه التي لا تستطيع أن تفرض رأيك فيها.

الصكوك الإسلامية الاستثمارية وتطبيقاتها العملية

بعد أن تمّ إيجاد هذا الحل المثاليّ والأفضل والبديل الشرعيّ للأسهم، فإنّ دولاً إسلامية كثيرة لجأت إليها، منها دول مجلس التعاون الخليجي (المتمثل في الإمارات، والسعودية، وقطر، والبحرين، والكويت)، وماليزيا، وإيران، والسودان، وباكستان. كما وقامت بعض الأجنبية كذلك باستخدام هذا النظام كألمانيا، وبريطانيا، واليابان، وغيرها.
وتعتبر دولة الإمارات العربيّة المتحدة الدولة الأولى في هذا المجال، وهي التي بدأ فيها نظام الصكوك بحسب الشريعة الإسلاميّة، وأقيم فيها البنك التجاري الأول الذي يتعامل بالصكوك وهو «بنك دبي الإسلاميّ» في عام 1975م، وهناك أيضا مصرف «عجمان»، وبنك «الهلال». وقد استفادت الإمارات بشكل كبير جداً من هذه الصكوك، حيث تمّ إصدار ما قيمته سبعة مليارات دولار من هذه الصكوك في عام 2006، وفي عام 2007م تمّ اصدار ما قيمة 12 ملياراً. ومن أهم المشاريع الإماراتية التي تمّ تمويلها بهذه الصكوك مشروع «ميناء خليفة»، و«المنطقة الحرّة».
وفي إطار تنامي الصكوك الإسلامية تم إصدار تقرير «تومسون رويترز» الذي نص على أن  إصدارات الصكوك قد واصلت ارتفاعها سريعاً عام 2014 لتصل إلى 130 مليار دولار، وتوقعت وصولها إلى 237 مليارا عام 2018. وتتوزع الصكوك على دول في كل قارات العالم تقريبا، لكنها تتركز في منطقة الخليج وماليزيا وتركيا وبريطانيا، ولا يقتصر إصدار الصكوك على الدول الإسلامية حيث شمل الصين وألمانيا وعددا من دول أوروبا.
وفي نهاية هذا العرض فإن الصكوك الإسلامية نظام ناجح ويعطي قدرة ائتمانية للدول المتعاملة بهذا النظام ولكن يجب أن يكون هناك تنظيم وتشريعات واضحة كل الوضوح لتنظيم التعامل في الصكوك الإسلامية وهذه التجربة جديرة بالتطبيق حيث أنها قد تعد بديلا حقيقيا للقروض وفوائدها التي تدخل الدول في غيابة الجب وتبعية لا نهاية لها.

Post a Comment